مناسباتنا بين الفرح والهدر ! بين ضرب الدفوف ، ومطرقة الفقر تختلط فرحة الشاب وألمه في يوم يفترض أن يكون هو ” ليلة العمر” لكن..! كم سبق هذه الليلة من تعب وقلق ؟ وكم سيعقبها من همّ وألم ؟ بدل من أن يدخل حياته بفرح وراحة يدخلها مثقلا بهموم الديون تحت لافتة “عنوانها مراسم الأفراح”؛ هذه اللافتة التي قصمت ظهور كثير من الشباب ، وربما قضت على كيان أسرة أنشئت للتو ، والسبب الديون التي تحملها ليكرم أضيافه ! دعونا نتكلم بالأرقام بعيدا عن شعار “عاداتنا وتقاليد أجدادنا ” أيها القارئ رحم الله أجدادك ، ولا نقدح بهم ، ولا بشيمهم ، وكيف لي أن أسب أبائي ؟ لاتنس أن أجدادك كانوا يتضرون جوعا ، ولربما ربطوا الحجر على بطونهم الجائعة ؛ لكنهم قاموا بحق ضيوفهم خير قيام . ألا نتوجع من أجل شاب تحمل ديوناً يسدد أقساطها سنوات بل عقود ؟ ! ونحن هنا نتسأل هل يعرف مجتمعنا الكريم ماهو الفرق بين الكرم والبذخ ؟ كنتُ أظن هذا لكن خابت ظنوني حينما قرأت الأرقام المفزعة التي تنشرها جمعيات حفظ النعم بكافة المناطق ، غير أنني هنا سأتحدث وبشكل خاص عن مراسم الأفراح في منطقة “عسير” عسير الكرام والكرم. إذ باتت مواسم الإجازة موعدا للربح بالنسبة لأصحاب المواشي، وأصحاب المطابخ، وتجار التموينات فقط .. بيمنا يعيشه أبناء المجتمع أزمة تهز استقرار أسرهم المادي والمحزن بحق أنهم من يصنع تلك الأزمة ! فبين مآدب الضيافة ” الباذخة “، وبين حفلات الزفاف ” المبذرة ” تنقضي إجازتهم ، وتهدر أموالهم؛ ولأنهم الكرام أبناء الكرام فهم لايتركون ابنهم دون أن يقدموا له يد التهئنة مملؤة بآلاف الريالات، أو ربما مئات الآلاف كـ (عانية) له ؛ تساعده أن يُتم البناء لكن..! وحتى لايقال عنه بخيل أصبح يقسم أن يقيم لهم مآدبة خاصة تختلف عن وليمة العرس ؛ ليثقل كاهلة بمزيدٍ من الديون، وربما خسر في ضيافتهم أكثر مما أتوا به من (عانية )، وهلم جر..! يستمر الدوران في حلقة مفرغة تُهدر فيها المزيد من النعم والطآمة الكبرى (كلما كنتَ مبذراً ) كنت أنت الرجل الكريم المضياف، وعجبي يقول الله عنهم: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً }(27) وهم يقولون كرم !! إذا كنا نتحدث عن ٣٠،٥٣٤ وجبة نظيفة حفظتها جمعية حفظ النعمة في عسير “شكر” -شكر الله سعيهم – في ستين يوما فقط ، فنحن نتحدث عن كارثة تهدد أمن أسرنا ، ومجتمعنا اقتصاديا ، وتنم عن عدم وعي والله المستعان. فإن كان عدد الفائض من الذبائح “الخراف “يعادل ١٩٠٣ خرفان ولو قلنا أن قيمة الخروف الواحد تعادل مايقارب ١٢٥٠ ريالا فإننا نواجه هدرا يقارب ٢،٣٧٨،٧٥٠ ريالا، هذا فقط الفائض من “الخراف”ناهيك عن (١٢٥) قعود و ( ١٢٧) تيس و (٢٠) بوفيه مفتوح في مناسبات بلغ عددها (١٨٥) مناسبة فقط . هذا ماباشرته الجمعية وحفظته من أصل (٢٦٤) مناسبة تم حجزها عبر موقع الجمعية،فيها (٢٤٥) قعود و (٢١٣٣) خروف و (١٧٠٥)من التيوس و (٢١) بوفيه مفتوح يدفع ضريبة هذا الهدر الشباب، وبمباركة من مشائخ وأعيان القبائل . هذه الإحصائية في منطقة عسير التي لاتعبتر من المدن الكبرى كالرياض وجده وغيرهما إننا نمر بأزمة وعي خانقة نراها ونتغاضى عنها ؛ حفاظا على عادات نذبها الدين. كم تحتاج “شكر”وغيرها من الجمعيات المباركة أن ندعمها بكل ما أوتنا، وخير الدعم أن ننشر الوعي بعواقب الإسراف لا أن يكون وجود مثل هذه الجمعيات حجة من لا حجة له، فيُسرف ويقول: (الجميعات موجودة) !! لا ياعزيزي وجود الجمعيات من أجل حفظ النعم لا من أجل إهدارها، فعلينا أن نكون يدا واحدة أن نحارب مظاهر البذخ والإسراف . و إني هنا أخاطب “صاحب السمو الملكي الأمير: فيصل بن خالد بن عبد العزيز” -أمير منقطة عسير- حفظه الله فأقول عرفنا عنكم حبكم للشباب ومبادراتكم في خدمتهم وإن شباب عسير اليوم يحتاجون منكم وقفة تنقذهم من كابوس اسمه “مراسم الأفراح “، وكم أتنمى أن يُلزم سموكم مشائخ وأعيان القبائل بالحد من مظاهر الإسراف، والضرب بقوة على كل يد تحاول أن تقتل فرحة الشاب، وتقضي على حلمه أن يعيش سعيدا هو وأسرته في باحة الاستقرار المادي، وأنتم أهل لذلك، وفقك الله وأعانك. ختاماً: أرجوكم دعوا الشاب يدخل لحياته مسرورا لامديونا، ومستقرا لا مستنفرا. وبالشكر تدوم النعم .
كتبته :فوزيه القحطاني (@fooz14181): twitter.com/fooz14181?s=09